الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

إسلاميات .. قتل عثمان بن عفان؟ إعداد / محمـــد الدكـــرورى

Spread the love
وف نتكلم عن السبب الذى أدى إلى مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه، وما أدراكم من هو عثمان، إنه عثمان الذى تزوج ببنتين من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال العلماء، ولا يعرف أحد تزوج ببنتي نبي غيره ، ولذلك سمي ذا النورين، وأنه من السابقين الأولين ، وأول المهاجرين ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ، وإنه عثمان وهو أحد الصحابة الذين جمعوا القرآن، وإنه عثمان الذى روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعين حديثا، وإنه عثمان الذى كانت أمه أروى بنت كريز بن ربيعة .
وكانت عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك نال فضل القربة إلى رسول الله كما نال فضل الصهر والصحبة، وإنه عثمان الذى قيل أنه أول الناس إسلاما بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة، وهو أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله ، ولذا قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط ” وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان أشبه الناس بإبراهيم عليه السلام ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها ، حيث قالت: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم قال لها: ” إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد ” .
وجاء عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم ” وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أشاد بحيائه ، فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع ثيابه حين دخل عثمان وقال : ” ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة ” ولكن بعد كل ذلك فقد قتل عثمان بن عفان كما قتل الخلفاء الراشدين من قبله، وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح . وكان سبب ذلك أن الخوارج من المصريين كانوا محصورين من عمرو بن العاص.
وكانوا مقهورين معه لا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير ، فما زالوا يعملون عليه حتى شكوه إلى عثمان ؛ لينزعه عنهم ويولي عليهم من هو ألين منه ، فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة ، وولى على الحرب والخراج عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما ، حتى كان بينهما كلام قبيح ، فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر ؛ خراجها وحربها وصلاتها ، وبعث إلى عمرو يقول له : لا خير لك في المقام عند من يكرهك ، فاقدم إلي . فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم ، وشر كبير.
فكلمه فيما كان من أمره بنفس ، وتقاولا في ذلك ، وافتخر عمرو بن العاص بأبيه على أبي عثمان ، وأنه كان أعز منه ، فقال له عثمان : دع هذا فإنه من أمر الجاهلية . وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان بن عفان، وكان بمصر جماعة يبغضون عثمان ويتكلمون فيه بكلام قبيح على عثمان رضى الله عنه، وينقمون عليه في عزله جماعة من علية الصحابة، وتوليته من دونهم أو من لا يصلح عندهم للولاية، وكره أهل مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد عمرو بن العاص، واشتغل عبد الله بن سعد عنهم بقتال أهل المغرب وفتحه بلاد البربر والأندلس وإفريقية .
ونشأ بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه، وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر الصديق، ومحمد بن أبي حذيفة ، حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب، لينكروا على عثمان، فساروا إليها تحت أربع رفاق، وأمر الجميع إلى أبي عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التجيبي، وسودان بن حمران السكوني، وأقبل معهم محمد بن أبي بكر الصديق، وأقام بمصر محمد بن أبي حذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلاء .
وكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلاء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين ، فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمانبن عفان، علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم، ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة، ويقال بل ندب الناس إليهم فانتدب علي ، رضي الله عنه، لذلك فبعثه وخرج معه جماعة الأشراف وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر، فقال علي لعمار فأبى عمار أن يخرج معه ، فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء ، وامتنع أشد الامتناع ، وكان متغضبا على عثمان بسبب تأديبه له على أمر ، وضربه إياه في ذلك.
وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان ، فتآمر عمار عليه لذلك ، وجعل يحرض الناس عليه ، فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه عليه ، فلم يقلع عنه ولم يرجع ولم ينزع ، فانطلق علي بن أبي طالب إليهم وهم بالجحفة ، وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره ، فردهم وأنبهم وشتمهم ، فرجعوا على أنفسهم بالملامة ، وقالوا : هذا الذي تحاربون الأمير بسببه ، وتحتجون عليه به، ويقال : إنه ناظرهم في عثمان ، وسألهم ماذا ينقمون عليه ؟ فذكروا أشياء، منها أنه حمى الحمى ، وأنه حرق المصاحف ، وأنه أتم الصلاة ، وأنه ولى الأحداث الولايات ، وترك الصحابة الأكابر.
وأعطى بني أمية أكثر من الناس ، فأجاب علي عن ذلك فقال : أما الحمى فإنما حماه لإبل الصدقة لتسمن ، ولم يحمه لإبله ولا لغنمه ، وقد حماه عمر من قبله ، وأما المصاحف فإنما حرق ما وقع فيه اختلاف ، وأبقى لهم المتفق عليه ، كما ثبت في العرضة الأخيرة ، وأما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تأهل بها ونوى الإقامة فأتمها ، وأما توليته الأحداث فلم يول إلا رجلا سويا عدلا ، وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عتاب بن أسيد على مكة وهو ابن عشرين سنة ، وولى أسامة بن زيد بن حارثة وطعن الناس في إمارته فقال : إنه لخليق للإمارة، وأما إيثاره قومه بني أمية .
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤثر قريشا على الناس ، ووالله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بني أمية إليها، ويقال إنهم عتبوا عليه في عمار ومحمد بن أبي بكر، فذكر عثمان عذره في ذلك ، وأنه أقام فيهما ما كان يجب عليهما، وعتبوا عليه في إيوائه الحكم بن أبي العاص ، وقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى الطائف فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان قد نفاه إلى الطائف ثم رده ، ثم نفاه إليها ، قال : فقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رده، وروي أن عثمان خطب الناس بهذا كله بمحضر من الصحابة ، وجعل يستشهد بهم فيشهدون له فيما فيه شهادة له.
ويروى أنهم بعثوا طائفة منهم فشهدوا خطبة عثمان هذه ، فلما تمهدت الأعذار وانزاحت عللهم ولم يبق لهم شبهة أشار جماعة من الصحابة على عثمان بتأديبهم ، فصفح عنهم وتركهم ، رضي الله عنه ، وردهم إلى قومهم ، فرجعوا خائبين من حيث أتوا ولم ينالوا شيئا مما كانوا أملوا وراموا ، ورجع علي إلى عثمان فأخبره برجوعهم عنه وسماعهم منه ، وأشار على عثمان أن يخطب الناس خطبة يعتذر إليهم فيها مما كان وقع من الأثرة لبعض أقاربه ، ويشهدهم عليه بأنه قد تاب من ذلك ، وأناب إلى الاستمرار على ما كان عليه من سيرة الشيخين قبله، وأنه لا يحيد عنها كما كان الأمر أولا في مدة ست سنين الأول.
فاستمع عثمان هذه النصيحة ، وقابلها بالسمع والطاعة ، ولما كان يوم الجمعة وخطب الناس ، رفع يديه في أثناء الخطبة ، وقال : اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك ، اللهم إني أول تائب مما كان مني، وأرسل عينيه بالبكاء فبكى المسلمون أجمعون وحصل للناس رقة شديدة على إمامهم ، وأشهد عثمان الناس على نفسه بذلك ، وأنه قد لزم ما كان عليه الشيخان أبو بكر وعمر ، رضي الله عنهما ، وأنه قد سبل بابه لمن أراد الدخول عليه ، لا يمنع أحدا من ذلك ، ونزل فصلى بالناس ، ثم دخل منزله وجعل من أراد الدخول على أمير المؤمنين لحاجة أو مسألة أو سؤال ، لا يمنع أحد من ذلك مدة .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك