في ظل التطورات العديدة التي تشهدها الساحة السياسية في ليبيا مابين إقرار مجلس النواب الليبي بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة التعديل الدستوري الثالث عشر ومبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باثيلي لحل الأزمة الليبية، إلا أن مصير الإنتخابات لا يزال مجهولاً وسط معاناة الشعب الليبي من هذه الأزمة.
وفي فبراير الماضي أقر مجلس النواب الليبي التعديل الدستوري الثالث عشر ليتم على أساسه المضي نحو إنجاز الإنتخابات المؤجلة منذ 2021، وفي مارس الجاري أعلن المجلس الأعلى للدولة موافقته على إعتماد التعديل الدستوري والتشديد على تشكيل حكومة مصغرة محايدة تقود المرحلة القادمة في البلاد.
توافق مجلسي النواب والدولة وكما هي العادة قُوبل بإعتراض واضح ومحاولة صريحة لعرقلة المسار السياسي السلمي في البلاد من قِبل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. حيث أعلن رئيس البعثة، عبد الله باثيلي، عن مبادرة أمام مجلس الأمن لحل الأزمة الليبية والذهاب بالبلاد نحو صناديق الإقتراع، مُبادرة قُوبلت بترحيب كبير من قبل العديد من دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
المبادرة لم تضع أي خطوط ومسارات واضحة سيتم إتخاذها لإجراء الإنتخابات الرئاسية، وكل ما جاء على لسان باثيلي هو ضرورة تشكيل لجنة مشتركة تكون مُشابهة للجنة ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف والتي جاءت بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة وفشلت في إجراء الإنتخابات.
المثير للجدل هو دعم المجتمع الدولي وعلى رأسهم واشنطن لمبادرة باثيلي مجهولة المعالم، وهو ما يُعتبر حسب الخبراء في الشأن السياسي رفض واضح وصريح لتوافق مجلسي النواب والدولة ومحاولة لتمرير مبادرة البعثة التي ستكون تحت سيطرة دول خارجية مُستفيدة من حالة الفوضى في البلاد ولا تعمل على تحقيق مطالب الشعب الليبي.
هذا الرفض أكده عبد الله باثيلي خلال مؤتمر صحفي يوم السبت حيث إنتقد أداء مجلسي النواب والدولة وطالبهم بإنجاز القوانين الإنتخابية قبل نهاية يونيو المقبل، كما قال أن إختصاصات مجلس النواب إنتهت وعلى أعضاءه تقديم أنفسهم للشعب من جديد لإنتخابهم. التشكيك في شرعية مجلس النواب جاءت بعدما رفض المجلس دراسة إمكانية دمج التعديل الدستوري الثالث عشر مع مبادرة باثيلي.
حيث قال عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة إنه لا يُمكن أن يتم دمج مقترح باتيلي في التعديل الدستوري الثالث عشر لأن التعديل أصبح نافذاً بتوافق من المجلسين. كما أن المسار الدستوري قد أُنجز ولم يتبقى سوى الإتفاق على القوانين الإنتخابية والذهاب مباشرة نحو الإنتخابات البرلمانية والرئاسية.
الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أحمد الفيتوري، قال أن المشهد السياسي في البلاد خرج من حالة الركود ولكنه إرتطم بأزمة بالأجندات الخارجية التي لا ترغب في أن تعبر البلاد من عنق الزجاجة ومُستفيد بشكل كبير من حالة الفوضى والفساد الذي نخر عظم مؤسسات الدولة.
وإستكمل الفيتوري حديثه حول الوضع الحالي في البلاد وأكد أن حل الأزمة الليبية لابد أن يكون ليبي المصدر دون أي رعاية خارجية، وكل ما هو مطلوب من المجتمع الدولي إعتماد قرارات المؤسسة التشريعية في البلاد والقبول بنتائج الإنتخابات حين إجرائها، وفي حال فشلت ليبيا في تحقيق ذلك حينها يمكن تقديم المبادرات والمقترحات لكن يظل القرار الأول والأخير بيد الشعب الليبي فقط.
التعليقات