الإثنين - الموافق 20 مارس 2023م

آفة التبرير..بقلم دكتور محمد الغلبان

والتبرير هو حالة دفاع عن النفس للمحافظة على مكانتها وإحترامها لدى الأخرين
فهو أسلوب يتبع لإرضاء الذات والتَنَصُل من المسئولية لإستِصَاغة الفعل وإستحسانه لدى الأخرين .

فالتبرير ما هو إلا درب من دروب الكذب وخداع الذات والشعوب وهو سمة من سمات الظالمين ، فهو يستهلك الطاقات ويموه الحقائق ويطمس الحلول ويبتعد بصاحبه عن الاعتدال والموضوعية الفكرية ، فالتبرير لموقف خاطئ يحتاج لجهود فكرية غير عادية لإثبات صحتها وتمريرها ، وهى فى ذات الوقت مُوءرقة إذا ما تكررت فعادة ما تعكر صفو العلاقة ، بل قد تتعداها إلى طرح الثقة جانبا بمن يبرر دائما فالأحرى هو الإعتراف بالخطأ دونما الجهد والوقت فى التبرير وإثبات العكس .

فالإعتذار السريع فى هذا الوقت قد يحسم الصدام والجدل ويساعد على إستمرار الود والصفاء ، إلا أن أغلبنا يحاول جاهدا تبرير موقفه حتى لو بالمقاتلة الفكرية من أجل إثبات صحة موقفه بشتى الطرق فالإصرار على الموقف الخاطئ ومحاولة تبريره والاستماته فى الدفاع عنه ومحاولة تبريره بكل ما أوتينا من قوة من أسوء أنواع التفكير .

فالتبرير آفة مدمرة أصابت مجتمعنا سواء حكومات أو أفراد محاولة منهم للإفلات من المُسائلة والعقاب على المستويين العام والخاص

وقد يقود العجز الحقيقى لمواجهة أى إشكال بالتخفى وراء التبرير وتعليق أسباب عجزه على الأخرين أو على الظروف ، فمواجهة الأمور كما هى والنقاش الحر حولها هو أسلم طريق للإبتعاد عن التبرير المستمر والمتكرر والذى قد يصبح مَمّلُولا حتى ولو كان صادقا
فمواجهة أى موقف بشجاعة ومواجهة أنفسنا ومحاولة نقدها وتقويمها أولا قبل مواجهة الأخر هى أفضل طريقة لإيجاد الحلول بعيدا عن التبرير كما أسلفنا .

فلا غرو فى تبرير موقف أو فعل قد شَابَهُ اللبس والغموض بكل شفافية ومصداقية
وتذكر دائما أن أقصى ما يمكن أن يفعله أو يتخذه أحدهم حِيالك هو تنفيذ قضاء الله وقدره فيك.

وبها فلا تعود لسانك على الحلف بالأيمان المغلظة والتَعَرض لها فعادة ما تعد من قبيل ضعف الموقف ومحاولة كسب المواقف والجولات وتغليب وجهة نظرك
فحاول جاهدا أن تبتعد عن السَفسطة (التحايل والحنكة فى الإقناع والتجميل) بل والكذب فى بعض الأحيان لإقناع الأخر بوجهة نظرك وشُيوعها وتَغليبها .

فالتبرير وإختلاق الأعزار هو مفتاح الكذب والإبتعاد عن المواجهة وتحمل المسئولية والتبعات ، فلا تبرر كثيرا وعِشّ كما أنت إنسانا صادقا حقيقيا لا مزيفا أو حاول أن تكون .

وعلى كاهل الأسرة حمل ثقيل لمعالجة آثار آفة التبرير لدى أطفالهم وذويهم وتعويدهم المواجهة والثقة بالنفس وتحمل تَبِعَات مواقفهم وأفعالهم كى تُنتج عنصرا مسئولا تجاه نفسه وذويه ومجتمعه .
وعلى عاتق وزارة التربية والتعليم أيضا تقع مسئولية كبيرة فى مواجهة تلك الآفة النكراء وترسيخ ثقافة النقد والتحليل والمراجعة .

ومن هنا تتمكن الأمة من الانتصار على الذات ومواجهة التحديات ومصارعة ومبارزة الأمم الأخرى فى ميادين النهوض والتقدم .

والله من وراء القصد

د. الغلبان

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك