الخميس - الموافق 25 أبريل 2024م

 (15) عصر الدول المستقلة “الدولة الفاطمية 3-5”.. بقلم الكاتب والباحث: محمد السني.

Spread the love

ألقينا الضوء سابقًا على المفهوم التقدمي للاستقلال الوطني في مقالتنا الأولى بعنوان “الثورة والاستقلال الوطني”، ثم تطرقنا إلى نشأة الأمة المصرية قبل التاريخ في مقالة بعنوان “أهل مصر.. أمة قبل التاريخ”، وعصر الأسر الفرعونية في ثلاث

مقالات بعنوان “الدولة الفرعونية القديمة”، و”الدولة الفرعونية الوسطى”، و”الدولة الفرعونية الحديثة”، ومقالتين عن “مصر البطلمية”، ومقالتين عن “الاحتلال الروماني”، ومقالتين عن “العصر القبطي والقومية المصرية”، ومقالة عن الحكم العربي بعوان بعنوان “الحكم العربي والبقرة الحلوب”، مقالتي هذه عن “عصر الدول المستقلة.. الدولة الفاطمية 3-5”.

تمكن الفاطميون منذ نشأتهم في المغرب من استقطاب قبيلة كتامة البربرية وأتخذوها حليفة لهم وكونوا جل جيشهم من أبنائها، وأعلنوا قيام الخلافة الفاطمية عام 909م من مدينة المهدية بإفريقيا (تونس الحالية)، واتخذوها عاصمةً لدولتهم، وشملت مناطق وأقاليم واسعة في شمال إفريقيا، فامتد نطاقها من موريتانيا غربًا إلى حدود مصر شرقًا. ولكن الدولة الفاطمية الوليدة ظلت تضع مصر نصب أعينها، واعتبرت أن ضم مصر هدفها الأسمى حتى يتمكنوا من استكمال طموحهم في بناء دولة عظمى، وذلك لما تمتلكه مصر من إمكانات هائلة من حيث الموقع والثراء الاقتصادي والإمكانات البشرية وكذا التطور الحضاري للأمة المصرية. وكما أوضحنا سابقًا، أنَّ الدولة الإخشيدية قد شهدت مع موت أحد آخر حكامها أبي المسك كافور الإخشيدي (سنة 968م) انحدارًا كبيرًا وانهيارًا اقتصاديًا شديدًا، فانتشر الغلاء والمجاعات والأمراض، وكثر الموت بين الناس. وفي هذه الظروف سير الخليفة الفاطمي المعز لدين الله جيشًا جرارًا لغزو مصر بقيادة جوهر الصقلى، فدخل الإسكندرية في منتصف عام 969م بدون معارك أو صدامات، وخرج وفد من أعيان مصر للتفاوض معه، وطلب الأمان وعُقدت اتفاقيه من ستة بنود التزم فيها جوهر باسم الفاطميين بستة عهود، وهي إعزاز المصريين و حمايتهم، وترميم وإعمار البلاد من جسور وخلجان وخلافه، وإصلاح الأحوال الاقتصادية، وكفالة الحرية الدينية للمصريين وإعطائهم الحق في اختيار ديانتهم ومذهبهم، وترميم وإعمار دور العبادة وتزيينها والصرف عليها من بيت المال، وتأمين طريق الحج من غارات البدو والغزاة. رحب عموم المصريين بالاتفاقية، وانقسم العسكر الإخشيدية ولكنهم استسلموا فى أول مواجهة مع جيش جوهر. وبعد تأكيد الاتفاقية من الخليفة الفاطمي دخل جوهر الصقلي الفسطاط على رأس جيشه. ونزل بعساكره في شمال شرق القطائع فى 5 يوليه سنة 969م. وعندما استقر الفاطميون في مصر أسسوا مدينة القاهرة وجعلوها عاصمتهم وقد توسعت القاهرة مع الزمن لتتحد بثلاث مدن كانت قد بنيت كما أوضحنا سابقًا في المنطقة ذاتها، وهي الفسطاط من عصر الحكم الإسلامي، والعسكر من العصر العباسي، والقطائع من العصر الطولوني، وإن اتحاد هذه المدن كلها مع القاهرة الفاطمية هو الذي أدى إلى ظهور القاهرة الحديثة. وأصبحت مصر المركز الروحي والثقافي والسياسي للدولة الفاطمية، لتتشكل الدولة المصرية المستقلة الثالثة بعد الدولة الطولونية والدولة الإخشيدية، وذلك منذ الغزو العربي لمصر، وضموا إلى ممتلكاتهم جزيرة صقلية، والشام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولة عظمى والمنافس الرئيسي للدولة العباسية في بغداد. وكانت اللحظة التاريخية التي ملأها الفاطميون من أهم اللحظات في عمر التاريخ الحضاري، حيث إن القرنين الرابع والخامس الهجريين هما القرنان الذهبيان للأمة المصرية وبلاد العرب علميًا وحضاريًا. وتعتبر الدولةُ الفاطميةُ المصرية (969 – 1171) إحدى دول الخلافةُ الإسلامية، والوحيدة بينها التي اتخذت من المذهب الشيعي مذهبًا رسميًا لها، وقد قامت بعد أن نشط الدعاة الشيعة الإسماعيليون في دعوة الناس خلال العهد العباسي الثاني فأصابوا بذلك نجاح في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكم بسبب مطاردة العباسيين واضطهادهم لهم. وقد اختلفت المصادر التاريخية حول تحديد نسب الفاطميين، فمعظم المصادر الشيعية تؤكد صحة ما قال به مؤسس هذه السلالة، الإمام عبيد الله المهدي بالله، وهو أن الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فهم بهذا علويون، ومن سلالة الرسول محمد (ص) عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب. في حين ذهبت بعض المصادر إلى نفي هذا النسب العلوي عنهم، وأرجعت نسب الإمام عبدالله المهدي إلى ميمون القداح فارسي الأصل. وهي وإن اختلفت في تحديد اسمه قبل استلامه رئاسة الدعوة الفاطمية، إلا أنها تتفق على أن اسمه بعد أن أصبح رئيسًا للفاطميين هو عبيد الله، وعلى هذا الأساس دعت هذه المصادر الدولة الفاطمية باسم “الدولة العبيدية”.

أدرك الفاطميون منذ دخولهم مصر، أبعاد الأمن القومي المصري، وفطنوا إلى الأهمية القصوى لتأمين حدود مصر الشرقية، وكذا حتمية النفود والتأثير المصري في الشام، باعتباره خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري، فبعد أن استقرت الأمور في مصر للفاطميين، انتقل صراعهم إلى دولة القرامطة في الشرق. وكان القرامطة بدعم بويهي قد غزوا مصر عدة مرات، وكادوا يصلون إلى القاهرة، لكن جوهر الصقلي نجح بصد هجماتهم. وخلال السنوات الآتية أخذ الفاطميون بالتوسع تدريجيًا على حساب القرامطة وباقي الدول الأخرى في المنطقة، فتمكنوا من انتزاع بلاد الشام في عام 973م من الحسين بن أحمد القرمطي حاكم القرامطة، وضموها حتى مدينة حلب شمالًا بعد القضاء على دولة الحمدانيين، واستولوا على الحجاز بعد هزيمة أشرافها، فباتت رقعة الدولة الفاطمية ممتدة من المغرب إلى مشارف العراق.

اتسمت علاقات مصر بالندية مع القوة العظمى السائدة شمال البحر المتوسط، وهي الإمبراطوريةالبيزنطية، حيث دخلت العلاقات البيزنطية – الفاطمية مرحلة التأزم منذ أن استولى الفاطميون على جزيرة صقلية، وتمكنوا من دحر الروم وبسط سيطرتهم على البحر المتوسط، فانزوى الروم في موقف دفاعي ضد الفاطميين. وفي منتصف القرن الرابع الهجري، تزامنت توسعات البيزنطيين في الشام جنوبًا على حساب الحمدانيين مع توسعات الفاطميين في الشام شمالاً والتي بلغت دمشق. وفي سنة 994م، حاصرت قوات العزيز بالله الفاطمي عاصمة الحمدانيين حلب لمدة 13 شهرًا، فلجأ أميرها أبو الفضائل بن سعد زعيم الدولة الحمداني للاستنجاد بالإمبراطور باسيل الثاني البيزنطي فأمده بجيش، إلا أنه هزم أمام جيش الفاطميين، فأثار ذلك باسيل، فتوجه بنفسه للشام لقتال الفاطميين. كان جيش الفاطميين قد انسحب قبل ذلك إلى دمشق لنقص المؤن، فاكتسح البيزنطيون الأراضي حتى بلغوا طرابلس ثم قفلوا عائدين إلى القُسطنطينية. غضب العزيز وخرج بجيشه يريد قتال البيزنطيين، إلا أنه توفي في الطريق سنة 996م. وفي عهد الحاكم بأمر الله، دارت معركتان بين الفاطميين والبيزنطيين، الأولى بحرية في صور سنة 998م، والثانية برية بالقرب من أنطاكية، انتهت بانتصار الفاطميين، مما دفع البيزنطيين إلى طلب الصلح، وعقدت هدنة لعشر سنين بين الدولتين. وفي سنة 1064م أثناء الشدة المستنصرية، أرسل المُستنصر الفاطمي إلى ثيودورا الثالثة إمبراطورة بيزنطة يدعوها إلى إسعاف مصر بالغلال، فاشترطت أن يكون مقابل ذلك أن يدعمها المستنصر بالجند في حالة تعرضت لثورة داخلية، وهو ما رفضه المُستنصر، ولم يتم الاتفاق. غضب المستنصر وجرد جيشًا أغار على أعمال أنطاكية، فبعثت بيزنطة بثمانين سفينة هزمت الفاطميين، وأُسر قائد جيشهم، فطلب المستنصر الهدنة. ومع بدأ حروب الفرنجة انقطعت الصلات المباشرة بين الدولتين، بعد أن تباعدت مناطق نفوذ الدولتين بعد تكون الإمارات الفرنجية.

بلغت الدولة الفاطمية ذروة عزها وكمالها في عهد الخليفة الخامس، أبو منصور نزار العزيز بالله 975م، وإليه يعزى تمكين السيطرة الفاطمية على مصر والشام، ونشر السلام والرخاء في مختلف أرجاء الدولة، التي بلغت في عهده أقصى اتساعها. وكان العزيز مسؤولًا عن إرساء الدولة الفاطمية وتشكيل هويتها، وشهد عهده إنجازات إدارية وتنظيمية متنوعة، فقد رُتبت الدواوين بدقة لتسهيل الإجراءات الإدارية، وأحاط العزيز نفسه بمظاهر الترف وأغدق الأموال على قصوره وممتلكاته، واستحدث منصب الوزراء، فعمل على اختيار رجال كفؤين لشغل هذا المنصب، وكان أغلبهم من الطائفتين المسيحية واليهودية، وقد كان أولهم وأحد أشهرهم يعقوب بن كلس. وكذلك عدل تركيبة الجيش العرقية، فقد كان الجيش الفاطمي بأكمله تقريبًا مؤلفا من الأمازيغ، فخشي أن يتكاتفوا معًا عليه إذا ما اضطربت الأمور، لذا شكل جيشًا جديدًا خاصًا به من الجنود التركمان والأكراد والسودان، وكلف هذا الجيش بإدارة معظم ولايات دولته عوضًا عن الجيش الأمازيغي. خلف العزيز ابنه الحاكم بأمر الله، فاتبع أباه في بداية عهده، ونجح بتثبيت أركان الدولة وتهيئة أمورها، ولكنه كان ذو شخصية مضطربة، تنقل بين المغالاة والتسامح الشديد، واساء التصرف احيانًا كثيرة، مما أساء لسمعته وسمعة الفاطميين، وتسبب في احداث الفوضى بمصر، انتهت باغتياله بعد خروجه من القاهرة. ومنذ نهاية عهد الحاكم، أخذت قوة الفاطميين السياسية بالانحدار شيئا فشيئًا، وكان معظم الحكام الذين تبعوه صغارًا لم يبلغوا سن الرشد بعد، لذا فقد افتقروا إلى التأهل للحكم، وأصبحت الدولة فعليًا في أيدي الوزراء الفاطميين أو أقارب حكامها صغار السن.. خلف الحاكم بقيادة الدولة الفاطمية ابنه الظاهر لإعزاز دين الله، إلا أنه كان حدثًا لم يبلغ سن الرشد، فأصبحت عمة له تُدعى “ست الملك” الحاكمة الفعلية للدولة، وتمكنت من إدارة شؤون الدولة بصورة جيدة، إلا أنها توفيت في منتصف عصره سنة 1024م. وقد سار عهده بهدوء في البداية، إلى أن بدأت الثورات ضده، فخرج صالح بن مرداس في الشام وانتزع منه حلب، ثم جاء حاكم الرملة “حسان بن المفرج البدوي” فانتزع معظم أنحاء الشام. وقد دام حكم الظاهر لخمسة عشرة سنة، ثم توفي صغيرًا.. تولى ابنه معد المستنصر بالله الخلافة وهو لا يزال في السابعة من العمر، وقد دام حكمه نحو ستين سنة، ليكون أطول الخلفاء الفاطميين عهدًا على الإطلاق. كان النصف الأول من خلافة المستنصر مزدهرًا ازدهارًا عظيمًا، فوصلت فيه الدولة الفاطمية أوج قوتها واتساعها، وامتدت حدودها من المغرب إلى العراق، بل وقد تمكن سنة 1058م رجل من حلفاء الفاطميين يدعى “أبا الحارث البساسيري” من الاستيلاء على بغداد والقبض على الخليفة العباسي، فأقام الخطبة فيها للخليفة الفاطمي المستنصر، وكانت تلك أول وآخر مرة في التاريخ تقام بها الخطبة ببغداد للفاطميين. إلا أن الأمور بدأت بالاضطراب فيما بعد، فأصيبت مصر بمجاعة هائلة استمرت سبع سنوات من 1065 إلى 1071م، وتعرف باسم “الشدة العظمى” أو”الشدة المستنصرية”. وبدأت العديد من أقاليم الدولة بالتمرد على الفاطميين، فحول أشراف مكة والمدينة ولائهم للعباسيين عام 1070م، وكانت الحال نفسها في المغرب، فقطع أمير بني زيري المعز بن باديس علاقته بالفاطميين وحول ولائه إلى الخلافة العباسية، أما بغداد التي كانت قد انضمت للفاطميين حديثًا، فقد قتل حاكمها البساسيري على يد سلطان السلاجقة طغرل بك القادم من الشرق، لتنتهي سلطة الفاطميين عليها حتى نهايتهم. ولم يتوقف السلاجقة عند هذا الحد، بل تابعوا التقدم غربًا ليصطدموا بالدولة الفاطمية مرة أخرى في بلاد الشام، ونجح سلطانهم جلال الدولة ملك شاه بانتزاع معظم بلاد الشام من الفاطميين بما فيها القدس وفلسطين سنة 1070م. وبحسارة الشام فقدت مصر أهم أركان قوتها وحضورها السياسي المؤثر وفقدت يدها الطولى الرادعة، وتسبب عجز المستنصر عن السيطرة على هذه الأحداث بانهيار هيبته تمامًا في الدولة. وعلاوة على هذه الخسارات الكبيرة، فقد وقعت الفتنة سنة 1073م بالجيش بين المغاربة أولاً، والترك ثانيًا، والسودان ثالثًا، ووقعت معاركة كبيرة بينهم وكثر القتل. وبذلك بدأت الدولة تخرج تمامًا عن السيطرة، وأخذ التركمان يصبحون الحكام الفعليين للدولة عوضًا عن الخليفة نفسه، فقرر المستنصر الاستعانة بحاكم عكا الأرمني بدر الدين الجمالي، وهو أشبه بدكتاتور يعرف بشدته وقدراته الإدارية والتنظيمية العالية. استدعى المستنصر بدر الجمالي ليتسلم منصب وزراة الدولة الفاطمية وقيادة جيشها، فوافق هذا الأخير، وجاء إلى مصر، وكان وزيرًا قويًا ومهيبًا، فأعاد للدولة قوتها واستقرارها وثبت أركانها من جديد. ووصلت الدولة في عهده أوج قوتها وازدهارها، فشيدت القصور وازدهر العلم والحضارة وعادت الأموال الكثيرة إلى مصر، فارتفع الخراج من مليوني دينارٍ في سنوات المجاعة إلى أكثر من ثلاثة ملايين. من جهة أخرى، فشل بدر الجمالي في بعض النواحي العسكرية، إذ لم يستطع حماية بلاد الشام من تقدم السلاجقة التركمان شرقًا والفرنجة شمالاً، فخسر الفاطميون كل الشام ما عدا مدينة عسقلان. ولكن يكن مجيء بدر الجمالي جيدًا تمامًا للمستنصر، فقد بدأ ينازعه على السلطة، وتنامى نفوذه بدرجة كبيرة جدًا، حتى أصبح أقرب إلى الحاكم الفعلي للدولة الفاطمية، واستمرت الحال هكذا حتى وفاة المستنصر عام 1094م.

أخذت الدولة الفاطمية تتراجع بسرعة كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبد الوزراء بالسلطة وأصبح اختيار الخلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخلفاء غالبًا من الأطفال أو الفتيان، واختلف عدد كبير من الوزراء مع قادة الجيش وولاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جو من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المتفشية. وتزامن ذلك مع الحملة الصليبية الأولى التي بلغت المشرق، وفتح الملوك والأمراء الإفرنج المدن والقلاع الشامية الواحدة تلو الأُخرى، بعد أن كان الفاطميين قد تمكنوا من استردادها من السلاجقة لفترة وجيزة، وبلغ أحد هؤلاء الملوك، وهو عموري الأول أبواب القاهرة وهددها بالسقوط. وخلال عهد الخليفة الثاني عشر الظافر بدين الله (1154-1149)، حدث أن طُرد وزير للدولة الفاطمية يدعى شاور بن مجير السعدي من مصر، فلجأ هذا الوزير إلى نور الدين محمود الزنكي حاكم دمشق، وطلب منه عونًا عسكريًا يمكنه من استعادة السيطرة على مصر، شريطة أن يعطيه ثلث خراجها، فوافق نور الدين، وأرسل حملةً بقيادة أسد الدين شيركوه تمكنت من السيطرة على الدولة الفاطمية سنة 1164م. إلا أن شاور نقض اتفاقه مع نور الدين، ولم يدفع له شيئًا من خراج مصر، فأرسلت حملةٌ جديدة بقيادة شيركوه تمكنت من استعادة مصر سنة 1167م، وكان ممن شاركوا في هذه الحملة صلاح الدين الأيوبي. ولأن نجم صلاح الدين برز أثناء هذه الحملات وحروب أخرى في الشام، فقد ضغط الزنكيون لتعيينه وزيرًا بالدولة الفاطمية، وكان لهم ما أرادوه، فأصبح صلاح الدين وزيرًا للخليفة الفاطمي الرابع عشر والأخير العاضد لدين الله. واستمرت الدولة الفاطمية تنازع حتى سنة 1171م عندما استقل صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخلفاء الفاطميين، وهو أبو محمد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سلطتهم الإسمية بعد أن كانت سلطتهم الفعلية قد زالت منذ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.

كان نظام الحكم في ظل الخلافة الفاطمية، نظامًا مطلقًا يستأثر فيه الخليفة بجميع السلطات الروحية والزمنية، فكان الخليفة الفاطمي، هو الدولة، وهو صاحب السلطات المطلق، وانطلاقًا من هذا، فإن الخليفة الفاطمي كان يحكم حكمًا مطلقًا، مثل الخلفاء الأمويين والعباسيين قبله، لكنه تميز عنهم بالهالة الدينية المعظمة التي فاقت تلك الهالة التي أحاطها العباسيون بالخليفة، وسار الخلفاء الفاطميون على نظام الحكم الوراثي بتفويض من الله، كما كان حال الخلفاء العباسيين، وكان قصر الخلافة الفاطمي يقع في منطقة خان الخليلي بشارع بين القصرين المعاصر. ودفن عدد من أئمة الإسماعيلية والخلفاء الفاطميين في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة. ولعل أهم ما يميز منصب الوزارة في العصر الفاطمي هو أن الكثير من وزراء الفاطميين كانوا من المسيحيين واليهود، مثل عيسى بن نسطورس، ويعقوب بن كلس، وعسلوج بن الحسن. وقد انقسم الجيش الفاطمي إلى ثلاث طبقات، هم الأمراء قادة الألوف والمئات والعشرات، فخواص الخليفة وحرسه الخاص، ثم الجنود. أما الأسطول، فبدأ الفاطميون الاهتمام به منذ بداية دولتهم، فأسسوا دار لصناعة السفن في المهدية للسيطرة على غرب حوض المتوسط. وبعد أن انتقلوا إلى مصر، ابتنوا دارين أخريين في القاهرة، وثالثة في دمياط ورابعة في الإسكندرية، وكانوا يصنعون فيهم المراكب الحربية من مختلف الأحجام تولت تلك السفن حماية الثغور الفاطمية في البحرين المتوسط والأحمر. وكان يتولى إدارة الجيش والأسطول ديوان عُرف بديوان الجيش يتولى حصر الجند من حيث الأحياء والأموات والمرض، بالإضافة إلى تنظيم الرواتب وتوزيعها.

شهدت العلاقة بين الدولتين الفاطمية والعباسية تباينًا واضحًا، اعتمدت قوة وضعف تلك العلاقة بين البلدين على مدى قوة تأثير البويهيين وسيطرتهم على الخلافة العباسية. ففي بداية عصر الدولة الفاطمية، كان البويهيون في أوج قوتهم وتحكمهم في دولة الخلافة العباسية. وكان انتماء البويهيين للمذهب الشيعي الزيدي سببًا في التقارب بين الفاطميين والبويهيين، حيث سمح البويهيون لدعاة الفاطميين بنشر عقائد الإسماعيلية في أماكن نفوذهم، بل واتجه تفكير معز الدولة البويهي لاستبدال الخلافة العباسية بالفاطمية، غير أنه تراجع عن تلك الفكرة خشية غدر الفاطميين به متى تمكنوا من الأمر. غير أنه ومع ضعف دولة بني بويه، وتمكن الخلفاء العباسيون من التدخل في السياسة مجددًا، فساءت العلاقات بين الفاطميين والعباسيين. وظل ذلك العداء مستدامًا حتى نهاية دولة بني بويه بدخول طغرل بك السلجوقي بغداد سنة 1055م.

وصلت جيوش الحملة الفرنجية الأولى إلى مدينة القدس عام 1099م في وقت كانت المدينة فيه تحت سلطان الدولة الفاطمية، وقد خاضت جيوش الفاطميين معركةً قوية للدفاع عن المدينة، إلا أن المعركة انتهت بهزيمة ساحقة للفاطميين ومذبحة راح ضحيتها عشرات الآلاف من المقاتلين وسكان المدينة على حد سواء. وفقد الفاطميون بعد سقوط بيت المقدس آخر أملاكهم في بلاد الشام، مما جعل سلطانهم ينحصر في مصر وحدها تقريبًا لمعظم ما تبقى من عصرهم. وبعد سقوط القدس بشهور، ثم تمكن الفرنج من انتزاع عسقلان عام 1153م بعد هزيمة الفاطميين بقيادة الملك الأفضل بنفسه. ورغم أن فلسطين ظلت تحت سيطرة مملكة بيت المقدس خلال معظم ما تبقى من العصر الفاطمي، إلا أن الخلفاء الفاطميين كانوا يحاولون باستمرار استرداد بعض المدن منها، واستمروا بتسيير الحملات العسكرية إلى فلسطين مرارًا وتكرارًا، إلا أن الفرنج كانوا ينجحون بصدها. ومع مرور الوقت، أخذت الدولة الفاطمية تضعف وتنهار من الداخل، أما على الجانب الآخر من الأملاك الفرنجية في الشام، فقد انبثقت دولة الزنكيين التي نجحت بتوحيد المنطقة تحت سلطة قوية ومتماسكة، وبدأت بإضعاف النفوذ الصليبي في المشرق باستمرار. توجهت أنظار الفرنج نتيجة هذه التغيرات إلى مصر، لأنها أصبحت الحلقة الأضعف بالمشرق، إلا أن أمد الدولة الفاطمية لم يطل بعد ذلك، فتابع صلاح الدين الأيوبي الحرب مع مملكة بيت المقدس حتى زوالها.

شكل العصر الفاطمي العصر الذهبي للإسلام، حيث اشتهر أغلب الخلفاء الفاطميين بتسامحهم الشديد مع سائر المذاهب الإسلامية ومع غير المسلمين من المسيحيين واليهود واللاتين والشوام من روم وسريان وموارنة، واشتهروا أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافة المكونات البشرية لدولتهم المنتمية لتكتلات عنصرية متنوعة، فاستعانوا بالبربر والترك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب العرب، وقد ساد التسامح الشديد بين تلك الطوائف المتنوعة. وكانت مذاهب أهل السنة والجماعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، هي الأكثر انتشارًا على المستوى الشعبي، ومرد ذلك أن الفاطميين في بداية عهدهم اتبعوا وصية الداعي أبو عبدالله الشيعي القائلة “إن دولتنا دولةُ حجة وبيان، وليست دولةَ قهر واستطالة، فاتركوا الناس على مذاهبهم، ولا تلزموهم باتباع الدعوة الهادية المهدية”، وباستثناء بعض الخلفاء الفاطميين “المضطربين” مثل الحاكم بأمر الله، فإن أغلب الخلفاء الفاطميين كانوا متسامحين لأبعد الحدود مع المسيحيين واليهود، فأطلقوا لهم الحرية الدينية، ورفعوا شأنهم، فعلى سبيل المثال، اشتهر الخليفة المنصور ومن بعده المعز لدين الله بتسامحه الكبير مع أقباط مصر، وباستمالتهم إليه ومولاتهم له بعد أن اتصل بقيادتهم الدينية وأعلمهم بأنه سيمنحهم الحرية الدينية. ولما دخل الفاطميون مصر، سلك جوهر الصقلي سلوكًا دبلوماسيا هادئًا مع المصريين، فأعلن في خطبة الجمعة الأمان لأهل السنة وللمسيحيين واليهود، واستقبل ممثل الأقباط الذي كان يرفع صوته ويقول “إننا ننتظر وجودكم في مصر بلهفة المضطهد حتى ننعم بالحرية حتى في حياتنا اليومية وأموالنا وممارسة ديانتنا”. فقد جعل المعز لدين الله عيسى بن نسطورس وزيرًا له، وتزوج من امرأة مسيحية ملكانية، وهي أم ولده الحاكم وشقيقة اثنين من البطاركة، أحدهما بطريرك كنيسة الإسكندرية، والآخر بطريرك كنيسة بيت المقدس، وكان يحتفل مع المسيحيين ويشاركهم أعيادهم.. ومن الناحية الاجتماعية، قسّم المقريزي المجتمع الفاطمي اجتماعيًا إلى طبقة الأغنياء وتضم رجال الدولة وكبار التجار، وطبقة متوسطة وتضم متوسطي الحال من التجار وأصحاب المحال، وطبقة الفقراء وتشمل الأجراء والمزارعين والحرفيين وذوي الحاجات من المساكين. وشهد العصر الفاطمي عددًا من مظاهر العظمة والأبهة في أوساط الخلفاء والوزراء وكبار رجال الدولة، كأماكن الاستجمام التي كانوا ينتقلون إليها وقت الفيضان ومواكب الاحتفالات السنوية. وقد استحدث الفاطميون عددًا من الأعياد كرأس السنة الهجرية ومولد النبي والاحتفال بقافلة الحج، إضافة إلى بعض المناسبات كعاشوراء ومولد الحسين ومولد السيدة فاطمة ومولد الإمام علي ومولد الحسن ومولد الإمام الحاضر، كما كانوا يحتفلون بالاحتفالات المصرية كرأس السنة القبطية، وأعياد أخرى كعيد النيروز. وسن الفاطميون عدة سنن أصبحت جزءً لا يتجزأ من الثقافة المصرية وما زال المصريون وغيرهم من الدول والأقاليم المجاورة يحيون هذه السنن، ولعل أبرزها هو فانوس رمضان، فقد أعطى الفاطميون هذا الشهر اهتمامًا خاصًا، وكانت الفوانيس تنير دور العبادة وتصنع من الزجاج الملون لتعطي تأثيرًا بهيجًا. ويدلل المؤرخون على الحياة الآمنة المرفهة التي عاشها المصريون إبان العهد الفاطمي، بثراء المطبخ المصري وتنوع المأكل والحلوى والشراب خاصة فى شهر رمضان والأعياد والمناسبات. وقد نُظمت شؤون مصر الداخلية وانتشر الامن واستقرت النظم الإداريه وشاعت الطمأنينة، وساد العدل والمساواه والتسامح الديني، فنمت الزراعة ونهضت الحرف وأنتعشت التجارة الداخلية وكان يُفرض على أصحاب الحوانيت أسعار محددة للبيع، فإذا غش أحد الباعة عوقب بأن يُطاف به على حمار أو بغل في الأسواق ويُجبر على أن ينادي هو بذنبه، وعُرفت هذه العقوبة باسم “الجُرصة”. وكان الأمن سائدًا في أكثر الأحيان، إلى حد أن الحوانيت كانت تُترك مفتوحة ليلًا.

نهج الفاطميون سياسة منظمة في إنشاء وتنظيم نشر العلم حتى وصلت بدولتهم إلى ذروة هرم الحضارة في القرن الرابع الهجري الذي كان درة تاج الحضارة العربية الإسلامية، فاذهرت الآداب والعلوم والفنون، وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أصول اللغة والدين، فقد شُيدت دار الحكمة كجامعة كبيرة يقوم على التدريس فيها عدد كبير من العلماء والمتخصصين في علوم الفلك والجغرافيا والطب والرياضيات واللغة والتاريخ وغيرها من العلوم والفنون. وجُلبت لها الكتب من خزائن القصور، وأُجريت الأرزاق على من يدرس ويكتب بها، وتوفر فيها ما يحتاج إليه الدارسون والكتاب من الحبر والأوراق والأقلام. وظلت الدار مفتوحة لعامة الناس إلى أن هدمها قراقوش نائب صلاح الدين الأيوبي وأغرق كتبها في النيل. وكذلك بُني الجامع الأزهر كمسجد جامع لإقامة الصلاة ولكنه تحول إلى جامعة دينية تعليمية، وظلت الصفة التعليمية له سائدة طول العصر الفاطمي، ولم يقتصر دور الأزهر الفاطمي على نشر المذهب الإسماعيلي، بل ضم حلقات علمية للمذاهب الأخرى، فكانت به خمس عشرة حلقة للمالكية ومثلها للشافعية وثلاث للحنفية، وكانوا يشكلون المصاحف وينقطونها لأول مرة في التاريخ. ولم يقتصر نشر العلوم على المساجد فقط، بل كانت قصور بعض الوزراء كيعقوب بن كلس الذي كان يجمع العلماء يتدارسون ويكتبون الأدب والطب. وألف ابن كلس كتبًا في تاريخ الأديان واللغات. وأبرز علماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير علماء الطبيعيات، والأخصائي بعلم البصريات، كما برز أيضا في مجال العلوم عددًا من الأسماء كأبن رضوان في الطب والفلك، وابن يونس في الرياضيات والفلك، وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وعلي بن عيسى الكحال صاحب كتاب تذكرة الكحالين، وابن المقشر وماسويه المارديني وابن بطلان وغيرهم من الأطباء البارزين.. وشهدت الحياة الفكرية في العصر الفاطمي تنوعًا في الإسهامات، فشملت عددًا من الرسائل الأدبية النثرية كرسالة الغفران التي كتبها أبو العلاء، إضافة إلى الرسالة المصرية لأمية بن أبي الصلت الداني الذي تناولت مصر والمصريين، ذكر فيها محنته في سجن الأفضل شاهنشاه.  واهتموا بلون آخر من الكتابة، وهو كتابة السير الذاتية، من أمثلة هذه السير، سير كافور الإخشيدي والعزيز بالله الفاطمي لأحمد بن عبد الله الفرغاني، وسير أحمد بن طولون وابنه خمارويه ومحمد بن طغج الإخشيدي وسيبويه وكافور الإخشيدي وجوهر الصقلي والمعز لدين الله الفاطمي والعزيز بالله لابن زولاق، وسيرة المعز لدين الله للقاضي النعمان. وقد برز من أدباء وكتاب ذاك العصر الوزير المغربي أبو القاسم الحسين بن علي الذي اختصر كتاب “إصلاح المنطق” لابن السكيت وأسماه “المنخل”، وكتاب “أدب الخواص” الذي احتوى على قديم الشعر وأخبار القدماء وأنسابهم وبعض المواضيع في علوم اللغة، وأبي سعد محمد بن أحمد العميدي الذي ألف عدد من الكتب في البلاغة والعروض والقوافي وابن الصيرفي الذي صنف بعض الكتب مثل “منائح القرائح” الذي كتبه مدحًا في الخلفاء الفاطميين و”الإشارة إلى من نال الوزارة” الذي ذكر فيه من تولى الوزارة في مصر إلى عصره. وقد أرخ للدولة الفاطمية الكثيرون كالمسبحي الذي كان له تاريخ يدون به الأحداث والمشاهدات اليومية، إضافة إلى وصف لمصر وأبنيتها وعجائبها وأطعمتها ونيلها وأشعار الشعراء وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحكام والأدباء. إضافة إلى غيره من المؤرخين كابن زولاق وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي. ولعب الشعر أيضًا دورًا هامًا في الحياة الفكرية عند الفاطميين، فخصصوا لهم ديوانًا يتولى أمورهم، ومن أشهر شعرائهم “الرسيون” وهم من الأشراف العلويين وينتسبون إلى الشريف الرسي الذي دخل مصر في عهد كافور الإخشيدي، وابن وكيع التنيسي والشريف العقيلي وابن أبي الجوع وابن مكنسة. كما برز من الفاطميين ووزرائهم من يحسن قرض الشعر كتميم بن المعز والوزير طلائع بن رزيك. ولم يكن ذلك الاهتمام الفكري الوحيد من جانب الحكام الفاطميين، فقد استهواهم جمع الكتب، فكانت لهم خزانة كتب في القصر الشرقي الكبير احتلت أربعين غرفة منه، واحتوت على مليون وستمائة ألف مجلد، وقد احتوت المكتبة على آلاف الكتب في الفقه على سائر المذاهب والنحو واللغة والحديث والتواريخ وسير الملوك والتنجيم والروحانيات والكيمياء.. ونشطت الحرف والصناعات، بفضل رواج حركة التجارة بعيدة المدى بسبب الأمان والتجهيزات التي وفرها الفاطميون لطرقها وموانيها. واعتنى الفاطميون بالزراعة لأنها مورد مصر والشام الأول. ومن أهم ما أنتجته ضفتا النيل الخصبتان: القمح، والذرة، والقطن، وقصب السكر. واشتهرت سواحل الشام بالحمضيات على أنواعها، كما اشتهرت سفوح جبالها بالتفاح، وكثرت في سهولها الداخلية أنواع العنب. كما عرفت ألبان الشام وعسلها بالجودة. وأهم الصناعات الفاطمية كانت صناعة مواد البناء، وصناعة الحفر على العاج والخشب، وصناعة التماثيل من البرونز والنحاس. كما كانت المنسوجات صناعةٌ فاطميةٌ مشهورة، وقد كثرت فيها صور الحيوانات كالغزلان والأرانب والسِّباع، كما كانت تزخرف بالخط العربي. ويلاحظ أن الفاطميين في هذا المجال خالفوا دول الخلافة السابقة عليهم، فقد استباحوا تصوير الكائنات والأشخاص على منتجاتهم وحرفياتهم على عكس أهل السنة. وقد نشطت هذه الصناعات بفعل رواج الحركة التجارية، وكان التجار يتنقلون بين مصر والشام شرقًا إلى العراق وفارس وخراسان والهند والصين، وبين مصر والمدن الأوروبية، وخاصةً جنوة والبندقية في إيطاليا.. كما ترك الفاطميون آثارًا معمارية كبيرة في مصر، حيث ظهرت العديد من الأنماط والأفكار المعمارية للمرة الأولى أثناء العصر الفاطمي، وازدهرت العمارة ازدهارًا كبيرًا في القاهرة، ومن أبرز الآثار المعمارية الباقية للفاطميين فيها الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله. وتجمع العمارة الفاطمية، وفقًا للپروفسور “إيرا لاپيديوس” الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، بين عناصر شرقية وغربية، من أوائل عصور الخلافة الإسلامية وحتى العصر العباسي، الأمر الذي يجعل من الصعب على أي باحث تصنيفها ضمن فئة محددة. وتعد العمارة العباسية في سامراء من أبرز المؤثرات في العمارة الفاطمية، كما تأثرت بالعمارة القبطية في مصر، والعمارة الرومانية في الشام وبيزنطة. وعني الفاطميون بإنشاء وتشييد المشاهد والمزارات المقدسة لآل البيت، فزينوا عاصمتهم القاهرة بعدد منها، استعمل بعضها لدفن الخلفاء أنفسهم، وما زال عدد من هذه المزارات قائم في مصر حتى الآن.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك