السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

محمد عبد الغني يكتب : يوسف القعيد و أزهى عصور الحريات

Spread the love

ليس من الضروري عندما نتصدى لكتابة تاريخ أمه من الأمم أن نكتب تاريخاً ناصعاً ممهداُ بالورود وفي سبيل ذلك نقوم بالحذف أو التغيير أو التبديل أو التضليل، بل لابد للتاريخ أن يكتب كما هو ، أو كما حدث بما له أو عليه وإلاٌ فكيف تتحقق الحكمة من دراسة التاريخ من خلال التعلُم من دروس الماضي والبناء عليه للحاضر ومن ثَم نستشرف من خلاله المستقبل ، وعلى الجانب الآخر نتفادى أخطاءه وخطاياه حتى لا نقع فيه مرة أخرى .

كما يقع على عاتقنا وأجب مقدس أمام الأجيال القادمة ، أن نترك لهم تاريخ حقيقي بعيد عن كل زيف أو تدليس بكل ما فيه من حسنات وسيئات .

ففي كتاب ” عبد الناصر والمثقفون والثقافة ” يقول الاستاذ يوسف القعيد “أن هناك فرق واختلاف كبير بين الموقف التاريخي الواقع بالفعل والذي لا جدال فيه وبين تفسيرنا لهذا الموقف أو الحدث فلكل منا وجهة نظر” ، لكن ستظل الحقيقة التاريخية هي القول الفصل.

كان هذا مدخلاً لابد منه .

لقد شعرت بأسى شديد وانا اطالع جريدة الفجر المصرية في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 20-10 2016 ، عندما قرأت تصريحا للأديب الكبير الأستاذ يوسف القعيد رداً على سؤال المحرر الذي يقول ما هي أبرز فترة شهدت فيها الصحافة والإعلام هامش حرية أكبر ؟ فقال الأديب الكبير :” رأيي الشخصي أن ازهى عصور الحريات كانت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فكان يسمح للأعمال الأدبية التي تنتقده أن تنشر في الصحف ” .

 

وهذا مخالف تماماً للحقائق التاريخية التي لا خلاف عليها حتي بين الناصريين الذين يقدسون عبد الناصر وعصره .

والحقيقة أن عهد جمال عبد الناصر يعتبر من أسوأ العهود في حرية الصحافة حيث أغلقت وصودرت الصحف القومية والحزبية بعدما قرر جمال عبد الناصر إلغاء الأحزاب السياسية وقام بتقييد حرية إصدار الصحف وتأميمها لتكون لسان حال النظام ثم الضربة الكبرى باعتقال الصحفيين وفرض الرقابة على ما ينشر من مواد إخبارية.

وفي موضع آخر بالحوار يقول الأستاذ يوسف :” وهناك أمثلة عديدة تؤكد زيادة هامش الحريات في عهد عبد الناصر ” ، وهنا انتظرت أن يسدد لي الاستاذ يوسف الضربة القاضية ويذكر لي ولو مثال واحد يدلل به صحة ما ذكر .

وللأسف لم يذكر الأديب الكبير سوى مثال واحد ، يبرهن من خلاله ما ذهب اليه من أن عصر عبد الناصر من ازهي عصور الحريات وان عبد الناصر كان يسمح بنشر الاعمال التي كانت تنتقده ، واعتقد ان الأديب الكبير خالفه الحظ حيث ذكر مثالاً لا يمت من قريب أو بعيد بالموضوع الذي يدلل به على صحة دعواه .

 

فقد ذكر الاستاذ “يوسف”  ذات الحكاية التي طالما يحكيها ويبدئها بعبارة “حكى لي الاستاذ هيكل” إن المثال الوحيد واليتيم الذ ساقه الاستاذ يوسف ليس له علاقة بعبد  الناصر أو انتقاده أو تقبله للنقد ، فالحقيقة أن تلك الروايه لا تصلح للتدليل على زيادة هامش الحرية ، فليس لهذه الواقعة أي علاقة بعبد الناصر ولا تدل على أي شيئ سوى أن عبد الناصر كان قارءئ جيد ومتابع لما يحدث على الساحة الثقافية وهو كان كذلك حقاً و لا خلاف عليه .

 

فقد ذكر القعيد قصة نشر رواية “أولاد حارتنا ” للأديب العالمي نجيب محفوظ  على حلقات في جريدة الأهرام ، وقت أن كان الاستاذ هيكل رئيساً لتحريرها ، والضجة الكبيرة التي أثارها بعض رجال الآزهر من أن الرواية بها اسقاط على الانبياء فسأل عبد الناصر  هيكل عن الموضوع وطلب قراءت الرواية فلم يجد بها شيئ مما قاله علماء الأزهر وبعدها قال لهيكل استمر في النشر .

 

فبالله عليكم ما لهذا الموقف من دليل على أن عصر عبد الناصر من أزهى عصور الحريات وانه كان يسمح لمنتقديه من نشر اعمالهم بالصحف .

وفي النهاية لا خلاف على أن عصر عبد الناصر لم ما له وعليه ما عليه له الكثير من الحسنات مثل العدالة الإجتماعية واستقلال القرار الوطني وتمكين ابناء الفقراء كما ذكر الاستاذ يوسف وأيضاً له الكثير من السيئات .

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك