الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

حق الإنسان في الجنسية بقلم :- الدكتور عادل عامر

لجنسية تعنى فقهاً وقضاءاً رابطة تقوم بين فرد ودولة بحيث يدين الفرد بولائه للدولة التي سينتمى إليها بجنسيته وفى المقابل يكون بل يتعين على تلك الدولة أن تحميه بإسباغ الحماية عليه إذا ما تعرض في دولة أخرى لأي مساس أو تعد فهي مقررة وتفرض على الشخص بحكم القانون متى توافرت شروطها، فالجنسية تعني المواطنة.

وعرفها جانب آخر من الفقه على أنها رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة، أو هي الرابطة التي تربط شخصاً معيناً بدولة معينة وتعتبره عضواً في تلك الدولة وتمكنه من المطالبة بحمايتها وتخضعه كذلك لتنفيذ ما تفرض عليه دولته من واجبات.

وقد عرفتها محكمة العدل الدولية بأنها رابطة قانونية قائمة أساساً على رابطة اجتماعية وتضامن فعال في المعيشة والمصالح والمشاعر مع التلازم بين الحقوق والواجبات.    وعرفتها المحكمة الإدارية العليا على أنها: (مركز قانوني مستمد من القانون ويتصل بسيادة الدولة، لا يكفي لتوافره مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر التي تحيط عادة بالمتمتعين بها -يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التي يتطلبها القانون في هذا الشأن)

لكل فرد الحق في أن تكون له جنسية. ولا يجوز حرمان أحد، تعسفاً، من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته. وعلى الدول أن تضع ضمانات لمنع انعدام الجنسية بمنح جنسيتها للشخص المولود في إقليمها أو المولود خارج إقليمها لأحد الوالدين من رعاياها والذي يكون لولا ذلك عديم الجنسية.  وعلى الدول أيضاً منع حالات انعدام الجنسية عند فقدان الجنسية أو الحرمان منها. الحق في الاحتفاظ بالجنسية يتطابق مع حظر الحرمان التعسفي من الجنسية.

أن الشعب المصري يتمتع بتجانسه الكامـل بين كافـة فئاته وطوائفه إذ تجمع الشعب المصري لغة واحدة هي اللغة العربية وهى اللغة الرسمية  للبلاد والثقافة العربية شملت مختلف المناطق الجغرافية الصحراوية والساحلية

وبناء على ذلك، فإن الحرمان التعسفي من الجنسية يزيد فعلاً من حرمان الأشخاص المتضررين فيما يتعلق بتمتعهم بحقوق الإنسان نظراً لأن بعض هذه الحقوق قد تُخضع لقيود قانونية لا تنطبق بخلاف ذلك، ونظراً أيضاً إلى ازدياد تعرض هؤلاء الأشخاص لانتهاكات حقوق الإنسان.

الحق في الجنسية مُعتَرَف به في مجموعة من الصكوك القانونية الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية جنسية المرأة المتزوجة واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

كما تُنَظَم قضية الجنسية في اتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية، والاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، والاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين. ويمكن أيضاً التوصل في العديد من الصكوك الدولية إلى حظر صريح وعام للحرمان التعسفي من الجنسية.

ومن الجدير بالملاحظة على وجه الخصوص أن المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص صراحة على أنه لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفاً. كما تقر الجمعية العامة، في قرارها 50/152، بالطبيعة الأساسية لحظر حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا. تتحدث المادتان 7 و8 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عن مسألة الهوية. وهذا الأمر يتعلق بعوامل كثيرة مثل: أصل الطفل، اسمه، شهرته، لغته، وانتماءه الاثني،… الخ، وهي أمور تستحق بحد ذاتها أن يخصص لكل منها مراجعة وملف على حدا.

ماذا تقول الاتفاقية بشأن هوية الطفل؟

المادة 7: الاسم والجنسية

الحق بالحصول على اسم لدى الولادة وعلى الجنسية.

المادة 8: حماية الهوية

واجب الدولة بحماية الجوانب الأساسية لهوية الطفل (الاسم، الجنسية، والعلاقات الأسرية) ومتى دعت الحاجة إلى تصحيحها. بالتالي، تشكل الجنسية جزءًا لا يتجزأ من هوية كل كائن بشري، فلماذا يحرم ملايين الناس منها إذاً؟ ما هي أسباب هذه الظاهرة؟ ما هي نتائجها؟ ومن أجل الإجابة بشكل ملموس، دعونا نحاول فهم وضع شخص لا جنسية له، أولاً، ماذا ندعوه؟ إنه عديم الجنسية، أي شخص يرفض أي بلد الاعتراف به كواحد من مواطنيه.

هناك عدة أسباب تشرح لماذا لا نملك جنسية أو كيف نفقدها، ومن هذه الأسباب الحرب ومعها المثال المحزن من النزاعات المسلحة على الأرض الأفريقية التي تشرد ملايين الأشخاص وتمنع بالطبع الحفاظ على سجلات شخصية وبالتالي تسجيل الولادات والحصول على جنسية. ومن الأسباب الحساسة الأخرى تأتي التقلبات الجيوسياسية مثل حلّ الاتحاد السوفياتي، فبانقسامها إلى عدة دول، خلقت هذه الإمبراطورية العديد من عديمي الجنسية لأنهم ما عادوا سوفياتيين بما أن البلد عينه لم يعد موجودًا،

وبما أن الدول الجديدة رفضت الاعتراف بأنهم يشكلون جزءًا من مواطنيها، وقد حصل هذا الأمر عينه تحديدًا مع نهاية يوغسلافيا سابقًا. وهناك أيضاً بعض المواقف، ورغم كونها في الظاهر أقل درامية، فإنها تنتج التأثير عينه على ضحاياها مثل حياة الترحال؛ فتقليديا عاشت شعوب وهي تتنقل على مسافات هائلة من الأراضي تشمل عدة بلدان دون أن يملكوا جنسية أي من هذه البلدان. ولمدة قرون، لم يشكل لهم هذا الوضع أي مشكلة ولكن في العالم الحديث حيث هناك متطلبات أمنية ورقابية وحيث أصبحت طريقة العيش هذه أكثر صعوبة، وجدت هذه الشعوب نفسها مبعدة تلقائيًا لأنه لم يعد بمقدورها عبور الحدود من دون أوراق تثبت هويتهم. لحقوق المدنية هي تلك الحقوق التي تثبت للفرد بحكم صفته الإنسانية إذ انها حقوق ملازمة ولصيقة بطبيعته البشرية وتسمى أيضاً بحقوق الإنسان حيث يتساوى الناس جميعاً في التمتع بها حيث لا يجب ان يكون هناك تمييز في هذا النوع من الحقوق بين الأفراد بسبب الجنس أو العرق أو المركز الاجتماعي .

إن القاسم المشترك بين كافة الحقوق دون استثناء هو أن هذه الحقوق في مجموعها ضرورية وأساسية لضمان حياة كريمة للإنسان . والكرامة الإنسانية هي أول ما اعترف بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديباجته حيث نصت على ما يلي :

( لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم ومن حقوق متساوية وثابتة يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم .. ) (فكرامة الإنسان كهدف تتحقق من خلال الإيفاء بكافة متطلبات الإنسان الحياتية ذهنياً ومادياً وحتى روحانياً والحدود الأدنى لهذه المتطلبات أو الأساسيات هي ما يترجم بلغة حقوق الإنسان الى حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ) ويبقى الهدف من منظومة حقوق الإنسان هو ضمان الحياة الكريمة للإنسان من خلال ممارسة الناس لحقهم في الاختيار وتقرير المصير بأنفسهم وفق احتياجاتهم ومتطلباتهم التي تتغير وتتطور يوماً بعد يوم .

وبالرجوع الى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان نجد ان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد تضمن الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية جنباً الى جنب وقد أوضحت ديباجة كل من العهدين الأول والثاني وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث نصت : على ان السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ان يكون البشر أحراراً ومتحررين من الخوف والفاقة هو تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك بحقوقه المدنية والسياسية )

مرتكزات الحقوق المدنية :

لقد اكدت الشرعة الدولية في موادها المختلفة على جملة كبيرة من حقوق الإنسان ومن امثلة هذه الحقوق التي اكدت عليها : حق الإنسان في الحياة ,و الحرية وسلامة شخصه وحقه في التحرر من العبودية والاسترقاق وحقه في التحرر من التعذيب لضروب من المعاملة أو العقوبة القاسية المهينة المنافية للكرامة الإنسانية وحق جميع الناس في المساواة أمام القانون , الحق في العمل , الحق في التنقل والسفر ,وحق كل إنسان في محاكمة علنية أمام محاكم مستقلة نزيهة إذا اتهم باقتراف جريمة ما ولا يعاقب إلا بنص في القانون . كذلك حق كل إنسان أن يعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته وصيانة حرية كل إنسان من الاعتداء على حرمة حياته الخاصة أو حرمة أسرته أو مسكنه أو مراسلاته دون مسوغ قانوني , وحق كل إنسان اللجوء الى بلاد أخرى عند التعرض للاضطهاد وحقه في الانتماء الى جنسية من الجنسيات الأخرى وحقه في الزواج وتكوين اسرة وحماية أسرته وحرية الاشتراك في التجمعات السلمية والجمعيات والمشاركة في الحكومات وتولي الوظائف العامة على اساس المساواة والترشح للمجالس البلدية والنيابية .وقد نص القانون الأساسي المعدل على هذه الحقوق أيضاً في الباب الثاني منه المتعلق بالحقوق والحريات العامة في المواد من المادة 9 الى المادة 33 منه . كما تتقرر بعض حقوق الإنسان في الدستور (كحق المساواة ) مثلاً كذلك يتقرر بعضها في التشريعات العادية كقانون المعاملات المدنية وقانون العقوبات ( الحق في السلامة الجسدية ) ومن خصائص هذه الحقوق أنها حقوق ذات طبيعة غير مالية بمعنى أنها حقوق غير مقومة بمال باعتبار ان محلها الإنسان نفسه وحقوقه اللصيقة بشخصه .

وعليه فمن نتائج هذه الحقوق أنه ليس للإنسان أن يتصرف في هذه الحقوق تبرعاً أو معاوضة فهو امين على الحق وليس مالكاً له بمعنى انه لا يجوز لشخص ما ان يبيع أعضاء جسده بما يؤثر ويخل بحق سلامته الجسدية . إضافة الى ان هذه الحقوق لا تتقادم فلا تسقط بعدم استعمال هذا الحق فمثلا الحق في الترشيح أو التصويت أو التنقل لا يسقط لمجرد عدم ممارسته لمدة طويلة .

كذلك فهذه الحقوق تتنوع على سبيل المثال الحق في الحرية مثلاً تتنوع مظاهره الى حرية التنقل وحرية العقيدة وحرية الفكر وحرية الرأي وحرية الاختيار .. إلخ .. كل هذه الحقوق نص عليها القانون الأساسي المعدل في المواد ( 10 و11 و18 و 19 و 20 ) مع التأكيد في نصوص هذه المواد على عدم الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو مع مراعاة أحكام القانون أو أن تكون مكفولة في حدود القانون .

الحق في الجنسية :

جاءت المادة 15 من الإعلان العالمي وضمنت حق الجنسية إذ نصت على

1) أن يكون لكل فرد حق التمتع بجنسية ما .

2) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها .

كذلك جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليدعم هذا الحق ففي الفقرة الثالثة من المادة 24 نصت على : (ان لكل طفل حق اكتسب جنسية ) وتعني الجنسية الانتماء السياسي والقانوني لدولة معينة وهي الحالة العامة أو الحالة السياسية ويقصد بها مركز الشخص حيث انتسابه او انتمائه الى دولة معينة وارتباطه بها برابطة التبعية .

للجنسية ركنان :

الأول : قانوني أي ان القانون يحكم نشأتها وزوالها والآثار المترتبة عليها .

والركن الثاني : سياسي يبين ما ينبغي أن يكن الفرد من ولاء سياسي إزاء دولته .

تبدو اهمية الجنسية في التمييز بين مركز الوطنيين ومركز الأجانب من حيث تحديد حقوق الشخص وواجباته ونشاطه القانوني فهناك حقوق قاصرة على الوطنيين منها الحقوق السياسية كحق الانتخاب والحقوق العامة كحق التعيين في الوظائف العامة . والوطني يتمتع بحماية دولته حينما يكون خارج حدودها .

 كذلك الوطني عليه مجموعة من الالتزامات والتكاليف العامة كأداء الخدمة العسكرية وهذه التزامات لا تفرض على الأجنبي عادة . كذلك الدولة لا تستطيع استبعاد الوطني من على إقليمها بحجة أنه غير مرغوب فيه في حين هي حرة في استبعاد الأجنبي عن حدودها ( قرار محكمة العدل العليا الأردنية رقم 53/53 صفحة 415 لسنة 1954 .

وقد استحدث الدستور الجديد نصوص عديدة في مجال حقوق الإنسان مستهديا في أحكامها بالمعطيات والخبرات التي صاغتها التجربة الوطنية المصرية عبر تاريخها الحضاري العريق – وكذلك بالمواثيق الدولية والإقليمية المعنية – ومستهدفا من تلك النصوص الجديدة في ذات الوقت مواجهة هموم وشواغل المجتمع المصري وطموحاته في العبور من إشكاليات الماضي الذي عاني منه وضراوة الواقع الذي ثار عليه – إلي رحاب مستقبل أفضل يستحقه ويسعي إليه – ومن أجل ذلك تضمنت نصوص الدستور حقوق وحريات جديدة لأول مرة كما نصت مواده علي حزمة من الضمانات الراعية والحامية لهذه الحقوق والحريات

. نظم الدستور والقانون حق الجنسية المصرية باعتباره مركز يستمده الفرد من القانون وليس ثمة تقدير لأحد أو لسلطة في إسباغ وصف المصري على من تتوافر فيه الشروط التي استلزمها المشرع فلا تملك أي جهة سلطة التقدير في إسباغ صفة المصرية على شخص أو حرمانه من هذه الصفة على خلاف أحكام الدستور والقانون.

فجاء في المادة السادسة من دستور مصر لسنة 2014 أن: الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه، ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية ويكون لمن تثبت له جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية المصرية إعمالاً لأحكام الفقرة السابقة، أن يعلن وزير الداخلية رغبته في التخلي عن الجنسية المصرية، ويكون إعلان هذه الرغبة بالنسبة للقاصر من نائبه القانوني أو من الأم أو متولي التربية في حالة عدم وجود أيهما وللقاصر الذي زالت عنه الجنسية المصريةً تطبيقا لحكم الفقرة السابقة، أن يعلن رغبته في استردادها خلال السنة التالية لبلوغه سن الرشد

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك