السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

العلاقات المصرية الروسية عبر التاريخ بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

تعود العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ نحو 74 عامًا منذ العام 1943، حيث دشنت أول سفارة لمصر في موسكو، وسفارة للاتحاد السوفييتي في القاهرة وقنصلية عامة في الإسكندرية، منذ ذلك التاريخ، وأصبحتا شريكتين على الصعيد الثنائي والدولي.

في أغسطس عام 1948، وُقعت أول اتفاقية اقتصادية بين البلدين حول مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي، وشهدت العلاقة تطورات متلاحقة، ففي أعقاب ثورة يوليو 1952، وثق الاتحاد السوفييتي علاقاته على كافة الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والتجارية.

وبلغت العلاقات الثنائية ذروتها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وقتما كان الرئيس جمال عبد الناصر على سدة الحكم، حيث ساعد آلاف الخبراء السوفييت في إنشاء المؤسسات الإنتاجية في مصر، بينها السد العالي في أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي ومد الخطوط الكهربائية أسوان – الإسكندرية، وتم إنجاز 97 مشروعًا صناعيًا بمساهمة الاتحاد السوفيتي، وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينات بأسلحة سوفيتية. واتخذ العلاقات بين البلدين منحى آخر في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث شهدت نوعًا من التوتر، سرعان ما بدأت في التحسن تدريجيًا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وتعد مصر من طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وتطورت على إثرها العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني، عكستها أول زيارة رسمية للرئيس الأسبق مبارك إلى روسيا الاتحادية سبتمبر 1997، وقع خلالها البيان المصري -الروسي المشترك وسبع اتفاقيات تعاون، أعقبها زيارتان رئاسيتان مصريتان إلى روسيا عامي 2001 و2006.

وبالتوازي مع المحادثات العسكرية والسياسية، سيتم التوقيع على حزمة اتفاقات اقتصادية، لبلورة ما سبق من مباحثات على مدار 4 لقاءات جمعت بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قاما خلالها بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم بشأن مشروعات اقتصادية عملاقة، منها إنشاء محطة طاقة نووية لتوليد الكهرباء.

أن تعزيز التعاون العسكري بين البلدين يجري من خلال توقيع صفقات تشمل أنظمة الصواريخ التكتيكية إسكندر ومقاتلات سوخوي 30، والمقاتلة الروسية MiG-29M/M2 والصواريخ المضادة للدبابات كورنيت، ومروحيات مي 17/ مي 8، ومي 28 إن إيه (صائد الليل)، ومنظومات الدفاع الجوي بوك – إم 2 إيه، فضلا عن أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى، بالإضافة إلى تور-إم 2 إيه. ويعكس ذلك، أن العلاقات المصرية الروسية تمرّ بأقوى مستوياتها الاستراتيجية اليوم، بدليل قيام روسيا بتسليم مصر مؤخرا قطعا عسكرية مختلفة، مثل منظومة أنتاي-2500 للدفاع الجوي، وزورق بحري يحمل صواريخ هجومية من فئة مولنيا، التي تعد اﻷسرع في العالم. بالإضافة إلى صفقات التسليح أن ملف مكافحة الإرهاب سيكون، بدوره، ضمن الملفات التي سيتم بحثها خلال زيارة السيسي لروسيا، ومن المتوقع أن يتزايد التعاون فيها. يوجد زيارة لم يعلن عنها لوفد عسكري مصري، ضمّ ضباطا من قوات العمليات الخاصة لروسيا في اﻷول من أغسطس الحالي، شهد خلالها فعاليات مناورة قيام القوات الروسية بإيقاف وصدّ مجموعة مسلحة إرهابية مهاجمة.

موسكو تساعد الجيش المصري في تحديث سلاحه مقابل أن تدعم القاهرة الوجود الروسي في مياه البحر المتوسط وشارك في هذه المناورة عدد كبير من عناصر القوات المسلحة الروسية، وأكثر من 400 آلة عسكرية، بما فيها طائرات الهليكوبتر والدبابات والصواريخ المضادة للطائرات والمدافع، في موقع تشيباركول. إن روسيا أطلعت مصر على الاستطلاع، بمساعدة أجهزة ستريليتس؛ وهي عبارة عن جهاز كمبيوتر محمول متصل بوسائل الاستطلاع. ورفضت المصادر الرسمية في مصر التأكيد على ما ذكرته صحيفة “فيدومستي” الروسية، نقلا عن مصادرها الخاصة، التي قالت “تستعد القوات الجوية المصرية للحصول على 46 مقاتلة روسية من طراز ميغ-29، حيث ستقوم بتصنيعها المؤسسة الروسية المتحدة لصناعة الطائرات.

وهناك مفاوضات حقيقية حول عدد من اﻷسلحة الروسية، أهمها طائرات الميج 29 في إطار تحديث اﻷسطول الجوي المصري، عن طريق استبدال الطرازات القديمة. أن القوات الجوية تمتلك طائرات روسية نجح من خلالها طيارون مصريون في التغلب على طائرات أحدث في حرب أكتوبر 1973.ان التعاون مع روسيا لا يعنى إيقاف التعاون العسكري مع الولايات المتحدة”. مصر تسلمت منذ أسابيع 8 طائرات من أحدث إصدار الأف 16 والبلوك 52، وتنتظر 4 طائرات أخرى قبل نهاية ديسمبر المقبل، إضافة إلى إتمام عقد الطائرات المقاتلة الهليكوبتر اﻷباتشي والتي تقوم بمهام ناجحة في مكافحة الإرهاب بسيناء.

لان هناك تعاقدات بين روسيا ومصر لتوريد نظام الدفاع الجوي الروسي المضاد للطائرات أنتي-2500 بأكثر من مليار دولار. وقال إن الاتفاق حولها تبلور خلال زيارة وزير الدفاع المصري الفريق صدقي صبحي لموسكو مؤخرا، للحصول على هذه المنظومة الصاروخية.    أن منظومة أنتي-2500 من المنظومات التي تتعامل مع العديد من الأهداف، يصل بعضها من 30 إلى 40 هدفا، كما أنها تحتوي على رادارات قوية جدا توفر إنذارا مبكرا. هذه المنظومة، فضلا عن منظومات الدفاع الجوي المصري، التي اعتمدت على الجانب الروسي منذ فترة طويلة، نجحت في حرب الاستنزاف، ثم نجحت في حرب أكتوبر 73.

 أن اﻷزمة السورية ستكون حاضرة في المباحثات المشتركة، وتوقعت أن يتم الدفع بإعلان موافقة الرئيس السوري بشار اﻷسد على انتخابات رئاسية مبكرة يكون طرفا فيها، وهو ما يضمن موافقة سعودية أميركية على المبادرة الجديدة التي تحاول روسيا بلورتها بالتشاور مع أطراف إقليمية ودولية. أن الوصول لحل انتخابات مبكرة ليس من المهم أن يخدم بشار، لكن المهم أنه يخدم وحدة اﻷراضي السورية، وحتى يتم الوصول إلى إقرار انتخابات تحت إشراف للأمم المتحدة، يجب ضمان استقرار الأوضاع على اﻷرض ووقف للاقتتال.

 

روسيا الدولة الوحيدة التي تقوم بتصنيع مكونات المحطة النووية بنسبة 100 بالمئة على مستوى العالم، ولا تعتمد على استيراد مكونات المحطة من أيّ دول أخرى إن هناك عقودا لإنتاج الطاقة المتجددة لتوفير الكهرباء سيوقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع روسيا. ان الرئيس السيسي سيوقع العقد مع شركة “روزاتوم” الروسية، وهي الشركة الأولى في العالم لتصنيع المحطات النووية، بعد اختيار وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للعرض المقدم من هذه الشركة، لإقامة محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء كأفضل عرض لصالح مصر، من جميع النواحي. أن أهم بنود العقد الذي سيتم توقيعه بين مصر وروسيا أن أرض الضبعة، “ملك لجمهورية مصر العربية، ولها الحق في التعاون مع دول أخرى في تنفيذ المراحل التالية من المحطة، كما يتناسب مع مصالح مصر السياسية والفنية والاجتماعية”.

أن أهم ما يميز عرض روسيا، أنها الدولة الوحيدة التي تقوم بتصنيع مكونات المحطة النووية بنسبة 100 بالمئة على مستوى العالم، ولا تعتمد على استيراد مكونات المحطة من أيّ دول أخرى، قد يكون بينها وبين مصر خصومة، ما قد يعرض المشروع للاحتكار من قبل هذه الدول.

كما تتضمن بنود العرض الروسي، قيام مصر بسداد قيمة المحطة النووية بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها، وذلك من الوفر الناتج من المحطة مع وجود فترة سماح يتم تحديدها بالاتفاق بين الجانبين، علاوة على إنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع مكونات المحطة النووية محليا، وهو ما سيعمل على تطوير الصناعة المحلية. إن العقد ينص على أن توفر روسيا 90 بالمئة من المكون الأجنبي وتوفر مصر 10 بالمئة، كما أن نسبة التصنيع المحلي ستصل إلى 25 بالمئة لإدخال تكنولوجيا الطاقة النووية للبلاد وبناء كوادر مصرية في هذا المجال.

أن العالم، ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة، يشهد تطورات خطيرة في الأونة الأخيرة، وهو ما يتطلب بالضرورة مواصلة التنسيق المحكم بين البلدين، وصولًا لتهدئة الأوضاع في مختلف المسارات. “لا يجب أن ننسي أن لروسيا ممتلكات في القدس، ومنها ممتلكات دينية، وبالتأكيد سيكون الأمر من محاور قمة لسيسي-بوتين، في ضوء معارضة الدولتين للقرار الأمريكي، وبالتالي سيتم تنسيق المواقف لخدمة القضية الفلسطينية”.

 

الدكتور عادل عامر

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك