الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

اسباب تنامي الحوثيين في اليمن بقلم :- الدكتور عادل عامر

تحظى اليمن بأهمية كبرى من واقع موقعها الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، ما جعلها مطمع لبعض الدول التوسعية في المنطقة وتحديدا إيران، ما دفع الأخيرة تسعى لإحداث تواجد لها من خلال توطيد علاقاتها بمليشيات الحوثي لتحقيق أهداف تخدم الأجندة الإيرانية في المقام الأول وكذلك تطلعات الحوثيين نحو مستقبل يهدف إلى الهيمنة على البلاد.

قد يكون التواجد الإيراني أصبح أكثر وضوحا بعد قيام ميليشيا الحوثيين بقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وسيطرتهم علي العاصمة صنعاء ، وهذا ما يطرح التساؤل حول أبعاد الدور الإيراني على الساحة اليمنية وأهدافه مستقبلا بعد مقتل الرئيس علي عبد الله صالح.

بعد يوم من مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، خرج قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري بتصريحات تباهى فيها بقتل الأول خارج صنعاء، معتبرا أن ما حصل انقلابا مدبرا تم القضاء عليه عن بكرة أبيه

لنفس اللواء تصريح الشهر الماضي يعترف فيه بدعم إيران للحوثي بشكل استشاري ومعنوي، مؤكدا على أن هذا الدعم جاء بطلب من الحوثيين، ولافتا إلى أن اليمن بحاجة إلى اكثر من ذلك، وأن الجمهورية الإسلامية لن تدخر جهدا في هذا الشأن.

هذا التصريح اعتبر دليلا قاطعا على تورط إيران بإرادتها في مساندة المليشيات التي مارست العديد من العمليات العسكرية ومنع وصول مساعدات إنسانية إلى بعض المناطق فضلا عن إطلاق صاروخ على الرياض الشهر الماضي، وأخرها قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

فضلا عن ما وجه من اتهامات عدة من قبل الحكومة الشرعية في اليمن تتعلق بإيصال السلاح للمليشيات على سبيل المثال لا الحصر القاء القبض على شبكة تجسس عملت لصالح إيران لمدة 7 أعوام في اليمن إذا ما دوافع إيران في اليمن؟ المشروع الإيراني منذ عام 1979 مشروع توسعي في المنطقة يستهدف إيجاد نفوذ قوي فيها خاصة بعد انهيار العراق المنافس السابق لها.

كما أن الذاكرة الإيرانية لا تنسى وقوف البلاد العربية مع العراق في حرب 1980 – 1988، فاتحاد المواقف العربية خاصة الخليجية تجاه العديد من القضايا دفعها لدعم بعض الفصائل- تحت مسمى الدفاع عن الظلم ودعم المضعوفين – لتشتيت الموقف العربي حتى لا يوجد قوى منافسة لها بالمنطقة.

دعم حزب الله والحوثيين والعديد من المليشيات المسلحة في سوريا والعراق، يعد تدخلا في شئون الدول العربية، ولكنه يجنب إيران الهجوم المباشر عليها وحدوث اضطرابات على أرضها، وكذلك يزيد من نفوذها عالميا في التدخل لحل الصراعات بين الدول كلاعب فاعل في الملفات على سبيل المثال: مفاوضات أستانه السورية، وأيضا محاولتها التأثير علي أمن المملكة العربية السعودية- من خلال تواجدها  بالقرب من حدودها.

خلاصة القول.. بشكل عسكري ستزيد إيران من دعمها العسكري بشكل أوسع وأكبر وعتاد متقدم خاصة بعد أن أصبحوا بمفردهم أمام قوات التحالف العربي والحكومة الشرعية بعد مقتل صالح، أما سياسيا ستدفع إيران جماعة الحوثي إلى تحجيم الأزمة على أن يكون للمليشيات دور سياسي من خلاله.. يتولى قيادات المليشيات حقائب وزارية ويكون معترف به داخل الدولة اليمنية لتضمن بقاءها وتحقيق أهدافها في اليمن. ن إيران تسعى من خلال تدخلها في اليمن لتقسم البلاد على أساس من الطائفية “وخلق حالة من الصراع الدائم”.

أن “إيران تستخدم الحوثيين كجزء من أدواتها، ونجحت بالفعل في السيطرة عليهم لأنها وضعتهم داخل قالبها الجاهز الذي أنتجت منه حزب الله في لبنان”. وقد ساعد في ذلك أن معظم الحوثيين جاؤوا من الأرياف وأفقهم ضيق، فأغرتهم بالهجرة إلى بيئات جديدة. ولعب على وتر الطائفية واستثارة القناعات القديمة وإحياء الأفكار الماضي والتعبير عنها بالأسلوب الذي أنتجته الثورة الإيرانية ويتجلى ذلك في كل شيء بدءا من التدريبات العسكرية والخطاب الإعلامي وانتهاء بالشعارات، لكن من الصعب التسليم بفكرة أن الحوثيين مجرد دمى لأن لهم تشعباتهم الداخلية وشبكة المصالح”. أن هؤلاء لهم مشروعهم السياسي واضح الملامح “إلى حد يصعب ابتلاعه أو تجييره بشكل كامل حتى لو كان ذلك من جانب إيران”. أن “إيران لعبت دوراً كبيراً في تشديد إجراءات الرقابة على الواردات اليمنية، بسبب تورطها في تهريب الأسلحة للحوثيين”،

وقد انعكس ذلك على وصول المساعدات الانسانية لليمنيين. هذا في حين تبقى المنافذ الرئيسية تحت سيطرة الحوثيين، “ما سمح باستمرار تهريب الأسلحة”، أعتقد أن الأسلحة العادية التي يتم اكتشافها يجري تهريبها عبر السفن التجارية إلى اليمن مروراً بميناء الحديدة”. بالطبع أثر ذلك على تدفق المساعدات عبر ميناء الحديدة علماً بأن هذه المساعدات لم تكن تصل إلى مستحقيها لأن الحوثيين كانوا إما يستولون عليها ويوظفونها لخدمة مجهودهم الحربي أو يمنعون وصولها إلى المستحقين”.

“اتسمت تحركات إيران الخارجية في عهد نظام الملالي بتصدير العنف حيثما تحركت”. لا يخفى على أحد ما حدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن”. أن ما حدث في العراق يتم استنساخه بطريقة أو بأخرى في سوريا واليمن، ولا يتغير سوى الأدوات والتفاصيل. أن “استمرار وصول الدعم الإيراني للحوثيين يؤجج الصراع ويوسع رقعة الجماعات المتطرفة”. أن الوضع الإنساني في اليمن مقلق بشكل عام إلا أن مستوى التدهور يختلف من منطقة لأخرى، والقاسم المشترك بين المناطق الأسوأ في الوضع الإنساني هو تدخل الحوثيين المباشر. “ففي تهامة مثلاً، كان لتدخل الحوثيين في منع وصول الغذاء ودخول المنظمات الاغاثية والمساعدات أثر مباشر في الوصول إلى المجاعة. أن “نهبهم للمواد الإغاثية أو تحويلها إلى مجهود حربي وبيعها في السوق السوداء أثر مباشرة هناك”.

إن “الحصار الخانق كان السبب الأبرز في تدهور الوضع الإنساني والمتابع للمشهد اليمني يجد الواقع يعج بالإثباتات عن ارتباط تدهور الوضع الإنساني بتدخلات الحوثيين المقصودة وغير المقصودة”.

ان “تدخلات الحوثيين الإجرامية لم تقتصر على نهب الإغاثة ومنع وصولها والحصار، فقد شكلت القذائف العشوائية على تعز مثلا عنصر قلق وتوتر كان لها أثر كبير في تدهور الوضع”. أن استقرار الاوضاع السياسية والامنية ليس في مصلحة طهران. لقد اقتضت أجندة إيران أن تصنع لها موطئ قدم في شمال اليمن يمكنها من ارباك أي تسوية في اليمن، ويمكنها من تهديد أمن منطقة الخليج مستقبلاً”.

 ولهذا فقد وجدت طهران في الحركة الحوثية ضالتها السياسية ودالتها المذهبية المفقودة” .لقد تبين للمهتمين والمتابعين أن قيادة الميليشيات الحوثية عمدت على رفض أي جهود خارجية أو داخلية تهدف لتسوية سياسية او ايقاف الحرب في البلاد”. أن البلاد أصبحت مضرب المثل “فالناس بين جرحى ومعاقين من الحرب، وبين نازحين ومشردين”. “ناهيكم عن قطع رواتب غالبية موظفين الجهاز الإداري للدولة لمدة ستصل إلى عام كامل بنهاية اغسطس، أضف الى ذلك تفشي الأمراض الوبائية المعدية”،  أن هذا الوضع أتى نتيجة دعم إيران للحوثيين الأمر الذي أسفر عن تعنتهم للخضوع للسلام.

اليمن عمق استراتيجي للسعودية ولدول الخليج، ولا يمكن أن يترك لمصيره، فالعواقب ستكون شديدة التأثير، والموقف مما يجري في اليمن يجب أن يوزن بميزان دقيق قادر على فرز المصالح وبناء استراتيجية متكاملة للتعامل معه، واستباق أي محاولات لخلق مناطق مضطربة على الحدود تكون مرتعا للأعداء مهما تعددت أسماؤهم وتباينت شعاراتهم.    الهجوم على السجون في اليمن وتهريب السجناء الخطرين الذين يمثل بعضهم قيادات مهمة للتنظيمات الإرهابية، يسيران على نفس الخطة التي جرت من قبل في العراق وتكررت في الفترة الأخيرة.

هوجمت الحدود السعودية من الخارج ثلاث مرات؛ مرتين من اليمن ومرة من العراق، فقد استخدم القوميون والناصريون الطائرات لضرب المدن السعودية في الجنوب، ودخل اليمن الجنوبي في حرب الوديعة مع السعودية، ومن قبل سعت جماعة الإخوان المسلمين في 1948 لقلب الحكم والاستيلاء على السلطة في اليمن وعادوا السعودية لأنها أفشلت مخططاتهم في اليمن.

أخيرا، وكما فشلت كل المخططات السابقة لاستخدام اليمن كقاعدة لمهاجمة السعودية، فإن المخططات الجديدة ستنال المصير نفسه.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك